الفقه على المذاهب الأربعة

مباحث الأضحية

مباحث الأضحية


تعريفها


الأضحية - بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياء - وهي اسم لما يذبح أو ينحر من النعم تقربا إلى الله تعالى في أيام النحر سواء كان المكلف بها قائما بأعمال الحج أو لا باتفاق ثلاثة وخالف المالكية فقالوا : إنها لا تطلب من الحاج


دليلها


شرعت في السنة الثانية عن الهجرة : كالعيدين وزكاة المال وزكاة الفطر وثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى : { فصل لربك وانحر } وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : " ضحى النبي صلى الله عليه و سلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما " والأملح : الأبيض الخالص وقيل : الذي بياضه أكثر من سواده والأقرن : الذي له قرنان معتدلان وغير ذلك من الأحاديث وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها


حكمها


أما حكمها فهو السنية فالأضحية سنة عين مؤكدة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وهذا القدر متفق عليه في الحقيقة ولكن الحنفية قالوا : إنها سنة عين مؤكدة لا يعذب تاركها بالنار ولكن يحرم من شفاعة النبي صلى الله عليه و سلم ويعبرون عن ذلك بالواجب وقال الشافعية : إنها سنة عين للمنفرد لا لأهل البيت الواحد كما هو موضح في مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : هي سنة عين للمنفرد وسنة كفاية لأهل بيت واحد أو بيوت متعددة تلزم نفقتهم شخصا واحدا بمعنى أنه إذا فعلها من تلزمه نفقتهم سقط الطلب عنهم فلا ينافي أنها تسن لكل منهم



شروطها


تنقسم شروط الأضحية إلى قسمين : شروط سنيتها وشروط صحتها فأما شروط سنيتها فمنها القدرة عليها فلا تسن للعاجز عنها وفي حد القدرة تفصيل المذاهب مذكور تحت الخط




الحنفية قالوا : القادر عليها هو الذي يملك مائتي درهم وقد تقدم بيانها في " الزكاة " أو يملك عرضا يساوي مائة درهم يزيد عن مسكنه وثياب اللبس والمتاع الذي يحتاجه وإذا كان له عقار يستغله تلزمه الأضحية إذا دخل منه قوت عامه وزاد معه النصاب المذكور وقيل : تلزمه إذا دخل له منه قوت شهر وإن كان العقار وقفا تلزمه الأضحية إن دخل له منه قيمة النصاب وقتها
الحنابلة قالوا : القادر عليها هو الذي يمكنه الحصول على ثمنها ولو بالدين إذا كان يقدر على وفاء دينه
المالكية قالوا : القادر عليها الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه فإذا احتاج إلى ثمنها في عامه فلا تسن وإذا استطاع أن يستدين استدان وقيل : لا يستدين
الشافعية قالوا : القادر عليها هو الذي يملك ثمنها زائدا عن حاجته وحاجة من يعول يوم العيد وأيام التشريق ومن الحاجة ما جرت به العادة من كعك وسمك وفطير ونقل ونحو ذلك
الحنفية قالوا : زادوا في الشروط أن يكون مقيما فلا تجب على المسافر وإن تطوع بها أجزأته وإذا اشترى شاة ليضحي بها ثم سافر قبل حلول وقتها فإنه يبيعها ولا تجب عليه الأضحية وكذا لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يذبح فإن الأضحية لا تجب عليه وتجب على الحاج إن لم يكن مسافرا بأن كان من أهل مكة



ومنها الحرية فلا تسن للعبد وزاد المالكية في شروط سنيتها أن لا يكون حاجا ولو كان من أهل مكة كما تقدم أما المسافر لغير الحج فتسن له أما البلوغ فليس شرطا لسنيتها فتسن للصبي القادر عليها ويضحي عنه وليه ولو كان الصبي يتيما عند المالكية والحنابلة أما الحنفية والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : البلوغ ليس شرطا لوجوبها فتجب على الصبي عندهما ويضحي وليه من مال الصبي إن كان له مال فلا يضحي الأب عن ولده الصغير . وعند محمد شرط فلا تجب الأضحية في مال الصبي وهل تجب على الأب أو لا ؟ قولان مصححان ومثل الصغير المجنون
الشافعية قالوا : لا تسن للصغير فالبلوغ شرط لسنيتها وكذلك العقل



وأما شروط صحتها فمنها السلامة من العيوب فلا تصح إذا كان فيها عيب من العيوب المفصلة في المذاهب . فانظرها تحت الخط




الحنفية قالوا : لا تصح الأضحية بالعمياء ولا بالعوراء . وهي المهزولة التي لا مخ في عظامها : ولا بالعرجاء التي لا تستطيع المشي إلى المذبح : أما العرجاء التي تمشي بثلاث قوائم وتضع الرابعة لتستعين بها على المشي . فإنها تجزئ وكذا لا تصح بمقطوعة الأذن . أو الذنب . أو الألية إذا ذهب أكثر من ثلثها أما إذا بقي ثلثاها وذهب ثلثها فإنها تصح . وكذا لا تصح بالهتماء إلا إذا بقي أكثر أسنانها . ولا تصح بالسكاء التي لا أذن لها بحسب الخلقة ولا تصح الأضحية بمقطوعة رؤوس الضرع ولا بالتي انقطع لبنها ولا بالتي لا ألية لها بحسب الخلقة ولا بالجلالة وهي التي ترعى العذرة قبل حبسها وإطعامها الطاهر كما تقدم وتصح بالجماء التي لا قرون لها خلقة والعظماء . وهي التي ذهب بعض قرنها فإذا وصل الكسر إلى المخ لم تصح . وكذا تصح بالتولاء وهي المجنونة إذا لم يمنعها الجنون عن الرعي . فإن منعها لا تجوز التضحية بها . وتصح بالجرباء إن كانت سمينة . فإذا هزلت بالجرب فلا تصح . وكذا لا تصح بالصغير : وهو ما كان أقل من سنة في الضأن والمعز : إلا إذا كان الضأن كبير الجسم سمينا : فإنها تصح به إذا بلغ ستة أشهر ؟ بشرط أنه إذا خلط بما له سنة لا يمكن تمييزه منه . أما المعز فإنها لا تصح به إلا إذا بلغ سنة وطعن في الثانية على كل حال أما الصغير من البقر والجاموس فهو ما كان أقل من سنتين فلا تصح بالبقر والجاموس إلا إذا بلغ سنتين وطعن في الثالثة والصغير من الأبل ما كان أقل من خمس سنين فلا تصح بالإبل إلا إذا بلغت خمس سنين وطعنت في السادسة وتجزئ الشاة عن الواحد وتجزئ الناقة والبقرة عن سبعة أشخاص بشرط أن يكون لكل واحد منهم سبعها فإن نقص نصيبه عن السبع لم تجزئه
المالكية قالوا : لا تصح بالعمياء ولا بالعوراء والمعتبر في العمى والعور ذهاب ضوء العين وإن بقيت صورتها ولا تصح بالمريضة التي تستطيع أن تتصرف كتصرف السليمة أما إذا كان المرض خفيفا فإنه لا يضر ولا تصح بالجرباء إذا كان جربها ظاهرا ولا بما أكلت أكلا غير معتاد . فشمت ما لم يحصل لها إسهال فتصح به ولا تصح بالمجنونة جنونا دائما أما الجنون غير الدائم فإنه لا يضر فتصح بالتولاء وهي التي تدور في موضعها من الجنون ولا تتبع الغنم ولا تصح بالمهزولة هزالا بينا وهي التي لا مخ في عظامها ولا بالعرجاء عرجا بينا يمنعها من مسايرة أمثالها ولا بمقطوعة جزء من أجزائها : كيد أو رجل سواء كان القطع خلقيا أو لا وسواء كان الجزء أصليا أو زائدا : ولكن يغتفر قطع خصية الحيوان فتصح بالخصي لأن فيه فائدة تعود على اللحم ولا فرق بين أن يكون خصيا بالخلقة أو لا ولا تصح بالصمعاء وهي صغير الأذنين جدا ولا بالبتراء وهي مقطوعة الذنب سواء كان ذلك خلقة أو بعارض ولا بالبكماء - فاقدة الصوت - إلا لعارض عادي : كالناقة إذا مضى على حملها أشهر فإنها تبكم فتصح بها ولا بالبخراء . وهي منتنة الفم . إلا إذا كان أصليا كما هو الحال في بعض الإبل وكذا لا تصح بيابسة الضرع ومشفوفة الأذن إذا كان الشق أكثر من الثلث فإن كان الشق ثلثها أجزأت على المشهور ولا بمكسورة سنين فأكثر أما مكسور سن واحد فتصح بها كما إذا ذهبت أسنانها لكبر أو تغيير فإنها تصح ولا تصح بذاهبة ثلث الذنب . أما ذاهبة ثلث الأذن فتصح بها وكذا لا يصح بحيوان متولد بين وحشي وأنسي فإذا كانت الآباء غنما والأمهات ظباء أو بالعكس لا تجزئ في الأضحية على الأصح وتصح بالجماء وهي المخلوقة بدون قرن أما إذا كانت مستأصلة القرنين عروضا ففيها قولان وهذا إذا لم يكن مكانهما داميا وإلا فلا تصح بها قولا واحدا وكذا تصح بالمقعدة العاجزة عن القيام بسبب السمن وكثرة الشحم لا بالمرض وتصح بالجذع من لضأن وهو ما بلغ سنة عربية وعلامته أن يرقد صوف ظهره بعد قيامه وتصح بالثني من المعز وهو ما بلغ سنة ودخل في الثانية دخولا بينا بأن قطع منها نحو شهر وتصح بالثني من البقر وهو ما بلغ ثلاث سنين وبالثني من الإبل وهو ما بلغ خمس سنين والمعتبر السنة القمرية ولو نقص بعض شهورها
الشافعية قالوا : لا تصح بالمعيبة بعيب ينقص لحمها أو شحمها أو غيرهما مما يؤكل فلا تصح بالعوراء ولا بالعمياء والمعتبر ذهاب ضوء العين وكذا ما كان على إحدى عينيها بياض إذا كان كثيرا بخلاف اليسير فلا يضر كما لا يضر العمش وهو ضعف البصر مع سيلان الدمع غالبا ولا تصح بالعرجاء عرجا بينا وهي التي تسبقها أمثالها إلى المرعى وتتخلف عنها ولو حصل لها العرج وقت الذبح ولو في حال قطع الحلقوم والمريء ولا تصح بالمريضة مرضا يظهر بينا ظهر بسببه هزالها وفساد لحمها فلو كان مرضها يسيرا لا يضر ولا تصح بالعجفاء وهي التي لا مخ لها في عظامها من شدة الهزال ولا بالثولاء وهي التي تستدبر المرعى ولا ترعى إلا قليلا فتهزل ولا تصح بالجرباء وإن كان الجرب يسيرا لأنه يفسد اللحم ولا بمقطوعة الأذن كلا أو بعضا . ولا بمقطوعة الألية ويغتفر ما يقطع من طرف الألية في الصغر ويسمى - التطريف - لأنه يجبر بالسمن أما المخلوقة بلا ذنب فإنها تجزئ كالمخلوقة بلا ضرع ولا ألية بخلاف المخلوق بلا أذن فإنها لا تصح به وتصح بمشقوقة الأذن أو مثقوبتها إذا لم يزل بذلك شيء منها وتصح بالخصي والخصاء جائز بشروط ثلاثة : أن يكون لمأكول اللحم أن يكون في صغره أن يكون في زمان معتدل وإلا حرم وتصح بمكسورة القرن وإن كان محله داميا ما لم يترتب عليه نقص في اللحم كما تصح بالجماء ما لا قرن له خلقة وإن كان الأقرن أفضل وتصح بفاقدة الأسنان خلقة أما ما ذهبت أسنانه لعارض فإنه لا يجزئ كما لا يجزئ ما ذهبت بعض أسنانه إن كان ذلك يؤثر في علفه فإن كان لا يؤثر تجزئ وتصح بالضأن إذا بلغ سنة كاملة أو أسقط مقدم أسنانه بشرط أن يكون ذلك بعد ستة أشهر وتصح بالمعز بالضأن إذا بلغ سنتين كاملتين وتصح بالبقر والجاموس إذا بلغ سنتين كاملتين وبالإبل إذا بلغ خمس سنين كوامل ولا يجزئ المتولد بين أنسي ووحشي
الحنابلة قالوا : لا تصح بالعمياء وهي التي ذهب نور عينيها وإن بقيت عيناها صورة ولا تصح بالعوراء وهي التي انخسفت عينها أما إذا كان عليها بياض وهي قائمة فتصح بها ولا تصح بالعجفاء التي لا مخ في عظامها لهزالها ولا تصح بالعرجاء وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها الصحيح إلى المرعى ولا تصح بالمكسورة ولا بالمريضة مرضا يفسد لحمها كجرب أو غيره ولا تصح بالعضباء وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها أما التي خرقت أذنها أو انشقت أو قطع منها النصف أو أقل فتصح بها مع الكراهة ومثل الأذن في ذلك القرن ولا تصح بالجداء وهي جافة الضرع ولا بالهتماء وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها ولا بالعصماء وهي التي انكسر غلاف قرنها ولا تصح بما ذهب أكثر من نصف أليتها أما ما ذهب نصفها فأقل فتصح بها كما تصح بالجماء وهي التي خلقت بلا قرن والصمعاء وهي الصغير الأذن جدا وما خلقت بلا أذن وكذا تصح بالبتراء وهي التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعا وتصح بالخصي أما المجبوب وهو ما قطع ذكره مع أنثييه فإنه لا يجزئ والحامل كغيرها في الأحكام ولا تصح بالوحشي ولا بالمتولد بين وحشي وغيره وتصح بالجذع من الضأن وهو ما له ستة أشهر ويعرف كونه أجذع بنوم الصوف على ظهره : وتصح بالثني مما سواه فثنى المعز ما له سنة كاملة وثني البقر ما له سنتان كاملتان وثني الإبل ما له خمس سنين ودخل في السادسة ولا تصح بما دون ذلك



ومنها الوقت المخصوص فلا تصح إذا فعلت قبله أو بعده وفي بيانه تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : يدخل وقت الأضحية عند طلوع فجر يوم النحر وهو يوم العيد ويستمر إلى قبيل غروب اليوم الثالث وهذا الوقت لا يختلف في ذاته بالنسبة لمن يضحي في المصر أو يضحي في القرية ولكن يشترط في صحتها للمصري أن يكون الذبح بعد صلاة العيد ولو قبل الخطبة إلا أن الأفضل تأخيره إلى ما بعد الخطبة فإذا ذبح ساكن المصر قبل صلاة العيد لا تصح أضحيته ويأكلها لحما فإذا عطلت صلاة العيد ينتظر بها حتى يمضي وقت الصلاة . ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال . ثم يذبح بعد ذلك أما القروي - ساكن القرية - فإنه لا يشترط له ذلك الشرط . بل يذبح بعد طلوع فجر النحر وإذا أخطأ الناس في يوم العيد فصلوا وضحوا ثم بان لهم أنه يوم عرفة أجزأتهم صلاتهم وأضحيتهم . وإذا تركت ذبيحة الأضحية حتى فات وقتها يتصدق بها حية
المالكية قالوا : يبتدئ وقت الأضحية لغير الإمام في اليوم الأول بعد تمام ذبح الإمام . ويبتدئ وقتها للإمام بعد الفراغ من خطبته بعد صلاة العيد أو مضي زمن قدر ذبح الإمام أضحيته إن لم يذبح الإمام . ويستمر وقتها لآخر اليوم الثالث ليوم العيد ويفوت بغروبه . فإذا أراد أن يذبح في اليوم الثاني فلا يلزم أن يراعي مضي زمن قدر صلاة الإمام . بل يذبح إذا ارتفعت الشمس وإذا ذبح بعد الفجر أجزأه . فإذا ذبح أحد قبل الإمام متعمدا لا تجزئه وأعاد ذبح أضحية أخرى أما إذا لم بتعمد بأن تحرى أقرب إمام لم يبرز أضحيته وطن أنه ذبح فذبح بعده وتبين أنه سبق الإمام أجزأه فإذا تأخر ألإمام بعذر شرعي انتظره إلى قرب الزوال بحيث يبقى على الزوال ما يسع الذبح ثم يذبح ولو لو يذبح الإمام
الحنابلة قالوا : يبتدىئ وقت ذبح الأضحية من يوم العيد بعد صلاة العيد فيصح الذبح بعد الصلاة وقبل الخطبة ولكن الأفضل أن يكون بعد الصلاة والخطبة ولا يلزم أن ينتظر الفراغ من الصلاة في جميع الأماكن التي تصلي فيه العيد إن تعددت بل لو سبق بعضها جاز وإذا كان في جهة لا يصلى فيها العيد : كالبادية وأهل الخيام ممن لا عيد عليهم فإن وقت الأضحية يبتدئ فيها يمضي زمن قدر صلاة العيد فإن فاتت صلاة العيد بالزوال ضحى إذن عند الزوال واخر وقت ذبح الأضحية زمن الثاني من أيام التشريق فأيام النحر عندهم ثلاثة : يوم العيد ويومان بعده ويجوز في ليل يومي التشريق التاليين ليوم العيد إنما الأفضل أن يذبح في النهار
الشافعية قالوا : يدخل وقت ذبح الأضحية بعد مضي قدر ركعتين وخطبتين بعد طلوع الشمس يوم عيد النحر وإن لم ترتفع الشمس قدر رمح ولكن الأفضل تأخيره إلى مضي ذلك من ارتفاعها ويستمر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة ويصح الذبح ليلا أو نهارا بعد دخول وقتها إلا أنه يكره في الليل إلا لحاجة : كاشتغاله نهارا بما يمنعه من التضحية أو لمصلحة . كسهولة حضور الفقراء ليلا



وقد زاد بعض المذاهب شروطا أخرى مذكورة تحت الخط




المالكية قالوا : زادوا أن يكون الذبح نهارا فلو ذبح ليلا لم تصح أضحيته وهذا الشرط بالنسبة لليوم الأول لا خلاف فيه عندهم أما في غير اليوم الأول في صحة الذبح ليلا خلاف والمشهور أنه لا يجزئ وأن يكون الذابح مسلما فإذا بحها الكتابي لا تجزئ ولكنها تؤكل لحما وأن لا يشرك معه فيها أحد ويصح أن يشرك في الثواب لا في الثمن معه من تلزمه نفقتهم إن كانوا معه في سكن واحد وإلا فلا تصح وهذا هو المشهور عندهم ( يتبع . . .(
الحنفية قالوا : زادوا أن يكون الذبح نهارا في اليوم الأول والرابع فلو ذبح في الليلة الأولى أو الليلة الرابعة لا تصح أما الذبح في الليلتين المتوسطتين فإنه مكروه تنزيها



ويصح الاشتراك في الأضحية سواء كان ذلك في ثمنها أو في ثوابها . باتفاق ثلاثة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يصح الاشتراك في الثمن إنما يصح الاشتراك في الأجر بالشروط المتقدمة



وإنما يصح الاشتراك فيها إذا كانت من الإبل أو البقر فإذا اشترك سبعة في بقرة أو ناقة يصح إذا كان نصيب كل واحد منهم لا يقل عن سبع فإن كانوا أكثر من سبعة لا يصح أما إن كانوا أقل فيصح ولا تصح الأضحية بغير النعم من الإبل والبقر والجاموس والغنم وفي الأفضل منها تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط




الحنفية قالوا : الشاة أفضل من سبع البدنة - البقرة أو الجمل ونحوهما - إذا استويا في اللحم والقيمة والكبش أفضل من النعجة إذا استويا في الثمن والقيمة أيضا . والأنثى من المعز أفضل من التيس إذا استويا قيمة والأنثى من الإبل والبقر أفضل إذا استويا أيضا
الشافعية قالوا : أفضلها سبع شياه عن واحد فبدنة فبقرة والكمال لا حد له
الحنابلة قالوا : الأفضل الإبل ثم البقر إن أخرج كاملا بدون اشتراك ثم الغنم ثم شرك سبع في ناقة أو جمل ثم شرك في بقرة وأفضلها جميعها الأسمن ثم الأغلى ثمنا والذكر والأنثى سواء
المالكية قالوا : الأفضل الضأن مطلقا ثم المعز ثم البقر وتقديمه على الإبل هو الأظهر ثم الإبل ويندب الفحل إن لم يكن الخصي أسمن فإن كان أسمن فهو أفضل من الفحل السمين



مبحث إذا ترك التسمية عند الذبح الأضحية


التسمية شرط في حل أكل كل ذبيحة باتفاق ثلاثة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : التسمية ليست شرطا في حل أكل الذبيحة فلو ترك التسمية عمدا حلت الذبيحة ولكن ترك التسمية مكروه أما الذبيحة التي يحرم أكلها فهي التي ذكر اسم غير الله عليها وهي التي كانت تذبح للأصنام



سواء أكانت أضحية أم غيرها فمن ترك التسمية عمدا لا تؤكل ذبيحته بخلاف ما إذا تركها سهوا فإنها تؤكل كما سيأتي في مبحث الذبح وكذلك من أهل لغير الله فإن ذبيحته لا تؤكل والإهلال لغير الله هو الصياح بذكر الصنم ونحوه عند ذبح ما يتقرب به إليه فقد كانت عادة المشركين أن يصيحوا عندما يذبحون لأصنامهم بذكرها


مبحث مندوبات الأضحية ومكروهاتها


وأما مندوباتها ومكروهاتها فهي مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الخط




المالكية قالوا : يندب إبراز الضحية للمصلي ويكره عدم ذلك للإمام فقط ويندب أن يكون الصنف الذي يضحى منه جيدا من أعلى النعم وأكمله وأن يكون من مال طيب وأن تكون سالمة من العيوب التي تصح بها فيندب أن تكون غير خرقاء . وهي التي في أذنها خرق مستدير وأن تكون غير شرقاء وهي مشقوقة الأذن أو مقابلة وهي مقطوعة الأذن من جهة وجهها أو مدارة وهي مقطوعة الأذن من خلفها وندب أن يكون سمينا وأن يكلف ليسمن على الراجح وندب أن يكون ذكرا ذا قرنين أبيض وندب أن يكون فحلا إن لم يكن المخصي أسمن وندب أن يكون ضأنا ثم معزا إلى آخر التفصيل المتقدم ويندب لمن يريد التضحية أن يترك الحلق وقلم الظفر في عشر ذي الحجة إلى أن يضحي ويندب أن يذبح الأضحية بيده ويندب للوارث أن ينفذ أضحية مورثه إن عينها قبل موته ما لم تكن نذرا وإلا وجب تنفيذ الوصية ويندب أن يجمع بين الأكل منها والتصدق والإهداء بدون تحديد معين بل يفعل في ذلك كما يجب ويسن ذح أو نحر ولد خرج من الضحية قبل دبحها أو نحرها حيا حياة غير مستمرة ويؤكل إن تم خلقه ونبت شعره أما إن خرج منها عقب ذبحها حيا حياة مستمرة فإن ذبحه أو نحره واجب ويكره جز صوفها قبل الذبح بشرطين : الأول : أن لا ينوي جزه عند شرائها فإن نوى جزه ليتصرف فيه التصرف المباح جاز بلا كراهة أما إذا نوى بيعه فإنه يكره الثاني : أن لا ينبت مثله أو قريب منه قبل الذبح وإلا فلا كراهة أما المنذورة فإنه يحرم جز صفوفها مطلقا وقيل : حكمها كغيرها في ذلك
الحنفية قالوا : يندب أن يأكل من لحم أضحيته ويدخر ويتصدق والأفضل أن يتصدق بالثلث ويدخر الثلث ويتخذ الثلث لأقربائه وأصدقائه ولو أخذ الكل لنفسه جاز لأن القربة تحصل بإراقة الدم . هذا إذا لم تكن منذورة وإلا فلا يحل الأكل منها مطلقا بل يتصدق بها جميعها وكذا التي وجب التصدق بعينها بعد أيام النحر أما إذا اشتراها للأضحية ثم حبسها حتى مضت أيام النحر فإنه يجب عليه أن يتصدق بها حية ويحرم عليه الأكل منها وكذا يحرم الأكل من ولد الأضحية التي تلده قبل الذبح فإذا ولدت الأضحية ولدا قبل ذبحها فإنه يذبح معها ويتصدق به جميعها ولا يحل الأكل منه فإن أكل منه شيئا تصدق بقيمته . ويستحب أن يتصدق به حيا أما الولد الذي لا يخرج حيا فسيأتي بيان الخلاف في تذكيته في " مبحث الزكاة " وكذا يحرم الأكل من الأضحية التي ضحى بها عن الميت بأمره ومن المشتركة بين سبعة نوى أحدهم بحصته القضاء عن الماضي فإن هذه الأشياء يجب التصدق بها جميعها ويندب أن لا يتصدق منها بشيء إذا كان صاحبها ذا عيال توسعة عليهم وأن يذبح بيده إن كان يعرف الذبح وإلا شهدها بنفسه ويأمر غيره وكره ذبح الكتابي وأما المجوسي والوثني فلا تحل ذبيحته - كما تقدم وكره بيع جلدها أو استبداله بما يستهلك كلحم وجبن وخل ونحو ذلك أما استبدالها بغربال ودلو ونحو ذلك مما يبقى زمنا طويلا فإنه يحل ويجوز أن ينتفع به في مثل هذا فيعمل هو غلابالا وقربة وسفرة ونحو ذلك وقيل : بيع جلدها باطل لا مكروه وكره جز صوفها قبل الذبح لينتفع به فإن جزه تصدق به وكره ركوبها وتأجيرها فإن فعل تصدق بالأجرة التي أخذها ويكره الانتفاع بلبنها قبل ذبحها وأن يعطي الجزار أجره منها ويكره تنزيها الذبح ليلا في الليلتين المتوسطتين أما الليلة الأولى والرابعة فإنه لا يصح فيهما الذبح كماتقدم ويسن توجيهها إلى القبلة وأن يعمل فيها كغيرها مما تقدم من حد الشفرة وعدم تعذيبها بغير ضرورة وكره بيع صوف الأضحية وشرب لبنها وإطعام كافر منها كتابيا كان أو مجوسيا بأن يبعث له بشيء منها في منزله أما إذا ضافه كافر أو نزل به وهو يأكل فإنه لا كراهة في إطعامه منها على الراجح وكره التغالي في ثمنها أو عددها إن خاف المباهاة أما إذا قصد زيادة الثواب بزيادة الثمن والعدد فإنه مندوب وكره فعل التضحية عن شخص ميت إذا لم يشترطها في وقف له وإلا وجب فعلها عنه ويلزم أن يتبع شرطه سواء كان جائزا أو مكروها فإن عين أضحية قبل موته كان تنفيذها مندوبا كما تقدم وتكره العتيرة وهي ذبح شاة في رجب كانوا يذبحونها في الجاهلية لأصنامهم وكانت جائزة في أول الإسلام ثم نسخت بالأضحية . ويكره إبدالها بأقل منها أو مساو لها إذا لم يعينها وإلا فلا يصح
الشافعية قالوا : يسن في الأضحية كونها سمينة سواء كان سمنها بفعله أو بفعل غيره وأن لا تكون مكسورة القرن ولا فاقدته وأن تذبح بعد صلاة العيد وأن يكون الذابح مسلما وأن يكون الذبح نهارا ويكره ليلا إن لم يكن لحاجة وإلا فلا كراهة وأن يطلب لها موضعا لينا لأنه أسهل لها وأن يوجه مذبحها للقبلة وأن يتوجه هو إليها أيضا . وأن يسمي الله تعالى ويكره تعمد ترك التسمية كما تقدم ويسن أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وأن يكبر ثلاثا بعد التسمية وأن يقول : اللهم هذا منك وإليك . فتقبل مني وأن تذبح الغنم والبقر . وتنحر الإبل وأن لا يبين رأسها . ويسن قطع الودجين ويسن أن تكون الإبل عند النحر قائمة معقولة رجلها اليسرى والغنم والبقر مضجعة على جنبها الأيسر وأن يحد المدية ويكره أن يحدها والذبيحة تنظر إليه كما يكره أن يذبح واحدة والأخرى تنظر
الحنابلة قالوا : يسن أكل ثلث الأضحية وإهداء ثلثها ولو لغني والتصدق بثلثها على الفقراء ولا فرق في ذلك بين المعينة والمنذورة وغيرهما إلا أن المعينة والمنذورة لا يجوز إهداء الكافر منهما أما ضحية التطوع فيجوز إهداء الكافر منها ويستحب أن يتصدق بأفضلها وأن يهدي الوسطن ويأكل الأقل وإن كانت الأضحية ليتيم فلا يجوز للولي أن يتصدق عنه أو يهدي منها بل يوفرها له وله أن يشرب من لبنها إلا إذا كان لها ولد فإنه يحرم عليه أن يشرب ما ينقص من القدر الذي يكفي في رضاع ولدها وتلزمه قيمته أما ما زاد بعد رضاعه فله شربه أيضا ويجوز أن يجز صوفها إن كان فيه منفعة لها بأن يزيد في سمنها أما إن كانت المنفعة في بقائه بأن يقيها الحر والبرد فلا يجوز جزه ولا يجوز أن يعطي الجزار أجره منها بل إن شاء أن يعطيه منها فله ذلك على سبيل الصدقة أو الهدية ويحرم بيع جلدها وجلها وهو الذي يغطى به الحيوان كما يحرم بيع شيء من الذبيحة وله أن ينتفع بالجلد والجل فيصلي عليه . ويتخذه غربالا ونحو ذلك أو يتصدق بهما وإن ولدت التي عينت للأضحية ذبح ولدها معها سواء عينها حاملا أو حدث الحمل بعد التعيين ويندب ذبح الجنين الذي يخرج من بطن أمه ميتا أو الذي في حركة المذبوح أما لجنين الذي يخرج وفيه حياة مستقرة فإن ذبحه واجب وذكاة الجنين ذكاة أمه سواء نبت شعره أو لم ينبت ويسن نحر الإبل قائمة معقولة الرجل اليسرى وأن يعمل مع الأضحية ما يعمل مع غيرها مما يأتي في " مبحث الذبح "



مبحث كيف يذبح الحيوان ويقال لذلك : ذكاة


الذكاة - بالذال - ذبح أو نحر أو عقر حيوان مباح للأكل بشرائط مفصلة في المذاهب مذكورة تحت الخط




الحنفية قالوا : الذكاة الشرعية تنقسم إلى قسمين : ذكاة الضرورة وذكاة الاختيار فذكاة الضرورة هي جرح وقع في أي جزء من بدن الحيوان وإنما تكون في حيوان غير مستأنس فلو توحش غنم أو بقر أو بعير وتعسر ذبحه ثم رمي بسهم فأصابه في أي جزء من بدنه وأراق دمه وأماته حل أكله وكذا لو نفر البعير ولم يقدر صاحبه على أخذه إلا بجماعة فإن له أن يرميه ومتى جلح وسال دمه ومات بهذا الجرح حل أكله ومثل ما إذا صال حيوان على أحد فرماه دفاعا عن نفسه فأماته . فإنه يحل أكله إذا جرحه وأسال دمه : وكذا إذا وقع حيوان في بئر وتعذر ذبحه فرماه فجرحه . وعلم أنه مات بالجرح أو لم يعلم إن كان قد مات به أو بغيره فإنه يحل أكله أما إذا علم أنه مات بغير الجرح فإن أكله لا يحل . وكذا إذا تعسرت بقرة في الولادة فأدخل رجل يده فذبح ولدها حل أكله فإن لم يقدر على ذبحه وجرحه حل أكله وإن لم يذبح أو يجرح فلا يحل ولو ذبحت أمه لأن ذكاة الأم ليس ذكاة لولدها عند أبي حنيفة وقالا - أبو يوسف ومحمد - : إن تم خلقه أكل بذكاة أمه لحديث " ذكاة الجنين ذكاة أمه " وحمل الإمام الحديث على التشبيه ويعني أن ذكاة الجنين مثل ذكاة أمه وأما ذكاة الاختيار فهي الذبح بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر بأن يقطع الودجين وهما - عرقان كبيران في جانبي قدام العنق - ويقطع الحلقوم وهو - مجرى النفس - والمريء وهو - مجرى الطعام والشراب - ويكفي قطع ثلاثة منها فإن للأكثر حكم الكل فلا بد من قطع الحلقوم أو المريء مع الودجين أو قطع ودج مع الاثنين ويرى بعضهم ضرورة قطع الحلقوم والمريء مع أحد الودجين ومتى تحقق القطع على هذا الوجه صار الذبح شرعيا وحل أكل الذبيحة سواء كان الذبح فوق العقدة التي في أعلى الحلق أو تحتها
ويشترط أولا : أن يكون الذابح مسلما أو كتابيا : يهوديا أو نصرانيا إفرنجيا أو غيره ويدخل في النصراني الصابيء لأنه يقر بعيسى عليه السلام ويدخل في اليهودي السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى عليه السلام فكل هؤلاء تحل ذبيحتهم ولا تحل ذبيحة غيرهم من : وثني ومجوسي ومرتد عن الإسلام وكذا لا تحل ذبيحة الدروز الذين لا يدينون بكتاب وإذا ذكر الكتابي أسم المسيح لا تحل وليمته ثانيا : أن لا يذبح صيد الحرم فإن الصيد في الحرم لا تحله الذكاة ولو كان الذابح غير محرم ثالثا : أن يترك التسمية عمدا أما إن تركها سهوا فإن الذبيحة تكون حلالا ويشترط في التسمية : 1 - أن تكون ذكرا خالصا بأن يذكر اسم الله تعالى بأي اسم من أسمائه سواء كان مقرونا بصفة نحو : الله أعظم أو غير مقرون بصفة نحو الله الرحمن أو يذكره بالتسبيح والتهليل أما ذكر اسم الله مقرونا بدعاء كقول : اللهم اغفر لي فإن الذبيحة لا تحل به ويستحب أن يقول : بسم الله الله أكبر . 2 - وأن تكون التسمية من نفس الذابح حال الذبح والرامي لصيد حال الرمي ومرسل كلب الصيد حال الإرسال فلو سمى غير الفاعل لا يحل الأكل : وأن يكون الذبح عقب التسمية قبل تبدل المجلس فلو سمي واشتغل بأكل أو شرب فإن طال لم يحل الذبح وغلا حل وحد الطول ما يستكثره الناظر ويشترط أن لا يقصد بالتسمية شيئا آخر كالتبرك في ابتداء الفعل . فإن فعل ذلك أو نوى امرا آخر غير الذبح فإنها لا تحل أما إذا لم تحضره النية أصلا فإنها تحل ذبيحة الصبي الذييعرف التسمية وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية وكذلك المجنون فكل هؤلاء إذا كانوا يضبطون عمل الذبح ويذكرون اسم الله تحل ذبيحتهم كما تحل ذبيحة الأخرس وذبيحة الأقلف . وهو الذي لم يختن بدون كراهة ويصح الذبح بكل ما يقطع من العروق المشروط قطعها ويسيل الدم فيجوز الذبح بالسكين وقشر القصب الأزرق - الغاب - والمروة وهي حجر أبيض كالسكين وغير ذلك ماعدا السن والظفر فإنه لا يحل الذبح بهما إذا كانا متصلين فإن انفصلا حل الذبح بهما مع الكراهة لما فيه من تعذيب الحيوان كالذبح بالسكين الكالة التي لا تقطع وإذا ذبح لعظيم بقصد التقرب إليه وتعظيمه بالنحر فإن ذبيحته لا تؤكل لأنه أهل بها لغير الله بخلاف ما يذبح للضيف بقصد إكرامه فإنه جائز وإن قدم له غير المذبوح عند الأكل
المالكية قالوا : الذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحل أكل الحيوان البري اختيارا وأنواها أربعة : ذبح ونحر وعقر . وفعل يزيل الحياة بأي وسيلة النوع الأول : الذبح . ويكون في البقر والجاموس والضأن والمعز والطير والوحش والمقدور عليه . ما عدا الزرافة . فإنها تنحر . ويعرف الذبح بأنه قطع الحلقوم والودجين من المقدم بمحدد بنية . ولا يشترط قطع المريء ويشترط أن يكون الذابح مميزا مسلما . أو كتابيا . وأن لا يرفع يده رفعا طويلا باختياره قبل تمام الذبح : ويشترط لحل ذبيحة الكتابي شروط : أن يذبح ما يحل له بشريعتنا وأن لا يهل به لغير الله وقد تقدم بيان ذلك في الأضحية في " مبحث إذا ذبحها كتابي " وأن يذبح بحضرة مسلم مميز عارف بأحكام الذكاة إن كان الكتابي ممن يستحل الميتة فلا يحل أكل ذي ظفر ذبحه يهودي كإبل وبط وأوز وزرافة من كل ما ليس بمنفرج الأصابع لأن اليهود يحرمون أكل ذي الظفر وثبت في شريعتنا أنه محرم عليهم فإذا ذبحه فلا يحل أما ما يحل لهم في شريعتهم : كالحمام والدجاج ونحوهما فإنها حلال إذا ذبحها النوع الثاني : النحر ويكون في الإبل والزرافة والفيلة ويكره في البقر والجاموس وكذا الخيل والبغال والحمر الوحشية ويعرف النحر بأنه طعن مميز مسلم أو كتابي بلبه بلا رفع طويل قبل التمام بنية النوع الثالث : العقر ويكون في وحشي غير مقدور عليه إلا بعسر سواء كان طيرا أو غيره ويعرف بأنه جرح مسلم مميز حيوانا وحشيا بمحدد أو حيوان صيد معلم بنية وتسمية ولا يصح العقر من كافر وقيل : يصح من الكتابي كالذبح ولا يصح العقر من صبي أو مجنون أو سكران ولا يصح عقر حيوان مستأنس إذا شرد فلو نفرت بقرة أو غنم أو جمل فإنه لا يصح العقر بعصا أو حجر لا حد له ويصح برصاصة لأنها أقوى من المحدد وأما الفعل المميت فهو ذكاة من لا دم له : كالجراد والدود فإن ذكاته إماتته بأي سبب كالنار أو قطع الأسنان أو ضرب العصا أو نحو ذلك ويشترط نية ذكاته ويشترط في الأنواع الأربعة ذكر اسم الله تعالى لمسلم ذاكر قادر فإن نسي أو عجز كأخرس أكلت ذبيحته
الشافعية قالوا : الذكاة الشرعية هي قطع الحلقوم والمريء جميعا فلو بقي شيء منهما لم يحل المذبوح ويشترط أن يكون في الحيوان حياة مستقرة قبل ذبحه إن وجد سبب يحال عليه الهلاك وإلا فلا يشترط وجودها فالمريض بغير سبب يحال عليه الهلاك لو ذبح أخر رمق حل وإن لم يسل الدم ولم توجد حركة عنيفة والمراد بالحياة المستقرة ما يوجد معها الحركة الاختيارية بقرائن يترتب عليها غلبة الظن بوجود الحياة . ومن أمارتها انفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمريء أو الحركة الشديدة ولا فرق بين أن يكون قطع الحلقوم والمريء من تحت الجوزة المعروفة أو من فوقها . لكن بشرط أن يبقى منها تديرتان كاملتان : إحداهما : من الأعلى والثانية : من أسفل وإلا لم يحل المذبوح لأنه حينئذ يسمى فرعا لا ذبحا . أما قطع الودجين فهو سنة ولو قطع الرأس كله كفى ولكن يكره على المعتمد وإنما يشترط الذبح بهذه الصفة في الحيوان المستأنس المقدورة عليه أما غير المستأنس : كغنم وبقر توحش وبعير نفر وغزال في الصحراء وبهيمة سقطت في بئر ولا يمكن الوصول إلى ذبحها : فذكاته عقره في أي موضع من بدنه بشيء يجرح : ينسب إليه زهوق الروح . فلا ينفع العقر بحافر أو خف : ولا بخدش الحيوان خدشة لطيفة . ويشترط لحل الدبح شروط : أولا : قصد العين أو الجنس . فلو رمى شيئا ظنه حجرا أو حيوانا لا يؤكل . فظهر أنه حيوان يؤكل حل أكله لأنه كان يقصد عينا وكذا لو رمى قطيع ظباء . فأصاب واحدة منها أو قصد واحدة فأصاب غيرها حل المرمي لقصد جنسه فإذا لم يقصد العين أو الجنس لا يحل لحيوان . فإذا وقعت منه السكين فأصابت حيوانا فذبح . أو احتك بسكين فانذبح . أو صال أحد بسيفه فأصاب مذبح حيوان لا يحل المذبوح لعدم القصد : ثانيا : أن يكون الإسراع بإزهاق روح اليحوان متمحضا لقطع الحلقوم والمريء فلو أخذ واحد في قطعها وأخذ الثاني في نزع الأمعاء أو نخس الخاصرة لم يحل ثالثا : وجود الحياة المستقرة قبل الذبح حيث وجد سبب يحال عليه الهلاك فإذا جرح حيوان أو سقط عليه سقف أو نحوه وبقيت فيه حياة مستقرة فذبح حل وهي ما عرفت بشدة الحركة أو انفجار الدم وإن تيقن هلاكه بعد ساعة وإلا فلا يحل لوجود سبب يمكن أن يسند إليه الهلاك وهو الجرح أو سقوط السقف ولا يشترط تيقن الحياة المستقرة بل يكفي ظن وجودها وإذا وصل الحيوان قبل الذبح إلى حالة فقد معها الإبصار والحركة الاختيارية بسبب مرض أو وجع ثم ذبح فإنه يحل ولو لم ينفجر الدم أو يتحرك الحركة العنيفة أما إذا أكل الحيوان طعاما انتفخ به حتى صار في آخر رمق ثم ذبح فإنه لا يحل على المعتمد ما لم توجد الحركة الشديدة أو انفجار الدم رابعا : أن يكون المذبوح مما يحل أكله فلا يجوز ما لا يحل ولو لإراحته عند تضرره من الحياة خامسا : أن يكون القطع بمحدد ولو من قصب أو خشب أو ذهب أو فضة إلا السن والظفر وباقي العظام فإنه لا تحل الذكاة بها فإذا قتل الحيوان بغير محدد بأن ضرب ببندقية أو سهم بلا نصل ولاحد أو خنق بشرك فمات فإنه يحرم في كل ذلك سادسا : أن يكون القطع دفعة واحدة فلو قطع الحلقوم وسكت ثم تمم الذبح فإن كان الفعل الثاني منفصلا عن الأول عرفا اشترط أن تكون في الحيوان المستقرة وذلك كأن رفع السكين وأعادها فورا أو ألقاها لكونها لا تقطع وأخذ غيرها فورا أو سقطت منه فتناولها أو أخذ غيرها سريعا أو قلبها وقطع بها ما بقي فكل ذلك جائز إذ لا فصل فيه بين العمل الأول والثاني سابعا : أن لا يكون الذابح محرما والمذبوح صيد بري وحشي فإن كان كذلك فلا يحل المذبوح ثامنا : أن يكون الذابح مسلما أو كتابيا لا مجوسيا ولا وثنيا ولا مرتدا فتحل ذكاة اليهودي والنصراني كالمسلم كما لا تحل ذكاة المجنون والسكران وغير المميز . ولو في الحيوان الذي لا يقدر عليه على الراجح لكن مع الكراهة : وكذلك تكره ذكاة الأعمى ولا تشترط التسمية وإنما تسن وإذا ذكر اسم الله مقترنا باسم غيره كأن قال : بسم الله واسم محمد فإن أراد الإشراك كفر وحرمت الذبيحة وإن لم يرد الإشراك حلت الذبيحة ولكن يكره إن قصد التبرك ويحرم إن أطلق لإبهام الشريك ( يتبع . . .(
الحنابلة قالوا : الذكاة شرعا هي ذبح حيوان مقدور عليه مباح أكله يعيش في البر أو نحوه إلا الجراد ونحوه مما لا يذبح أو ينحر وتتحقق الذكاة الشرعية بقطع الحلقوم والمريء والحلقوم مجرى النفس والمريء - وهو البلعوم - مجرى الطعام والشراب والنحر يكون في الليلة وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ولا يشترط قطع الودجين وهما عرقان محيطان بالحلقوم ولكن الأولى فيجرحه ويميته فيحل أكله كالصيد . فإذا نفر بعير فلم يقدر عليه . أو سقط حيوان مباح الأكل في بئر وتعذر ذبحه فعقر . حل أكله بشرط أن يموت بالجرح الذي قصد به عقره . فإن مات بغيره فلا يحل أكله ولو كان الجرح موجبا لقتله ويشترط أيضا أن تتوفر شروط الذابح فيمن رماه : فلو رماه مجوسي لا يصح أكله ويشترط لحل الذبيحة أربعة شروط الشرط الأول : أن يقول بسم الله عند حركة يده بالذبح أو النحر أو العقر . ولا يقوم شيء مقام التسمية . فلو سبح الله لا يجزئ وتجوز بغير العربية . ولو مع القدرة على العربية ويسن أن يكبر مع التسمية . فيقول : بسم الله والله أكبر . فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء . وأشار إشارة تدل على التسمية . بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية . وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس . فإذا تركت التسمية عمدا أو جهلا لم تبح الذبيحة لقوله تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } وإن تركت التسمية سهوا فإنها تحل . لحديث شداد بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " ذبيحة المسلم حلال . وإن لم يسم إذا لم يتعمد " . ويشترط قصد التسمية على ما يذبحه فلو سمى على شاة وذبح غيرها بتلك التسمية لم تبح الثانية . ولا يضر الفصل اليسير بين التسمية والذبح . فلو سمى ثم تكلم وذبح حلت . وإذا أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم ألقى سكينته وأخذ غيرها وذبح حلت . وكذا إذا رد سلاما أو استقى ماء والكتابي كالمسلم . فإذا ذكر اسم المسيح لا تحل الذبيحة . وإذا لم يعلم إن كان الذابح سمى أو لا ذكر اسم الله أو غيره فالذبيحة حلال . الشرط الثاني : أهلية الذابح أو الناحر أو العاقر . وهو أن يكون عاقلا أو قاصد التذكية فلو وقعت السكين على حلق شاة فذبحتها لم تحل لعدم قصد التذكية وأن يكون مسلما أو كتابيا ولو حربيا . أو من نصارى بني تغلب لا فرق بين أن يكون ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا ولو جنبا . وحائضا . ونفساء وأعمى . وفاسقا ولا تحل ذبيحة مجنون . وسكران . وصبي غير مميز لأنه لا قصد لهم فإذا كان الصبي مميزا تحل ذبيحته . ولو كان دون عشر سنين . ولا تحل ذبيحة مرتد . ولا مجوسي ولا وثني . ولا زنديق ولا درزي وكل من لا يدين بكتاب أخذا من مفهوم قوله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } . أي فلا يحل لكم طعام غيره . الشرط الثالث : الآلية وهو أن يذبح بألة محددة تقطع أو تخرق بحدها . لا تقطع أو تخرق بثقلها ولا فرق في المحددة بين أن تكون من حيدي : كالسكين والسيف والنصف ونحوها أو تكون من حجر أو خشب أو عظم إلا السن والظفر فلا يصح الذكاة بهما سواء كان متصلين أو منفصلين الشرط الرابع : أن يقطع الحلقوم والمريء وقد تقدم بيانهما وإذا ذبح كتابي ما يحرم عليه في شريعته ؟ وثبت في شريعتنا تحريمه عليه ويحل أكله كما إذا ذبح يهودي حيوانا له ظفر وهي الإبل والنعام والبط وما ليس بمشقوق الأصابع فإن الله تعالى أخبر بأنه حرم عليهم كل ذي ظفر وكذلك إذا ذبح ما يزعم أنه يحرم عليه ولم يثبت عندنا أنا يحرم عليه كما إذا ذبح حيوانا ملتصقة رئته بأضلاعه فإنهم يزعمون أن الرئة تحرم عليهم ويسمونها باللازمة



ويسن أن تنحر الإبل إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يجب نحر الإبل والزرافة والفيلة - لأنها تؤكل - فإن ذبحت لم تؤكل ويجب ذبح غيرها من الأنعام والوحوش والطيور فإن نحرت لم تؤكل ويجوز الأمران والأفضل الذبح في البقر والجاموس والخيل والبغال وحمر الوحش وكل ذلك في حالة السعة والاختيار أما في حالة الضرورة كعدم آلة الذبح أو كوقوع الحيوان في حفرة فلم يمكن عمل ما يجب من ذبح أو نحر فإنه في هذه الحالة يجوز العكس في الأمرين بأن يذبح ما ينحر وينحر ما يذبح للضرورة والله أعلم . وصلى الله وسلم على صاحب الشريعة سيدنا محمد وآله وصحبه



ونحوها مما له رقبة طويلة ويذبح غيرها كالبقر والغنم : ويسن أن يحد الشفرة أولا - السكين ونحوها - وأن يحدها بعيدا عن الذبيحة وأن لا يذبح واحدة والأخرى تنظر وأن يضجع الذبيحة إن كانت شاة أو بقرة على جنبها الأيسر ثم يقول : اللهم هذا منك وإليك { وجهت وجهي } الآية { ن صلاتي نسكي } الآية بسم الله الله أكبر ثم يذبح ويكره كسر عنق المذبوح قبل أن تزهق روحه ويسكن وكذلك يكره سلخه أو قطع عضو منه أو نتف ريشه قبل أن تزهق روحه ويكره ترك التوجه إلى القبلة ويكره كل تعذيب للمذبوح بدون فائدة
هذا وقد أشبعنا الكلام في هذه المواضيع وفيما يجوز أكله وما لا يجوز أكله وفيما يحل لبسه وما لا يحل في الجزء الثاني من كتابنا هذا فليرجع إليه من شاء والله ولي التوفيق